ابتسام شديد - الديار
لا يمكن اعطاء تصور حقيقي بعد لمسار العلاقة المقبلة بين الرئيس المعتذر سعد الحريري وحزب الله في مرحلة ما بعد الإعتذار، فحتى الساعة يلتزم الاثنان أقصى درجات ضبط النفس عن «التصريح»، تحاشيا من الدخول في متاهات تؤثر على الاستقرار، وتسهم في توتير الأجواء الطائفية.
يمكن فقط الركون الى المواقف المقتضبة التي تشير الى خلل أصاب العلاقة نتيجة عدم تأليف الحكومة ليس أكثر، وشعور الحريري ان الحزب كان « بإمكانه ان يضغط أكثر ويمون كما فعل مع العهد والتيار الوطني الحر في الانتخابات الرئاسية، عندما استطاع ان ينهي الفراغ ويحسم معركة الرئاسة لميشال عون.
صحيح ان اعتذار الحريري ورميه كرة التعطيل والنار في اتجاه العهد وفريقه السياسي لم يكن مفاجئا، الا انه من غير المتوقع،وعلى هامش اعلان الاعتذار، الانتقاد العلني لحزب الله على خلفية عدم الضغط على التيار والرئاسة، على غرار ما كان يحصل في أزمات سابقة .
بالطبع، فان الانتقاد شكل محطة سياسية يتم رصد تبعاتها وما ستتركه من تداعيات، خصوصا انها ظاهرة غير مألوفة لم تحصل بينهما منذ تكليف الحريري قبل تسعة أشهر، فكلامه جاء مناقضا لكل المسيرة التي اعتمدها تجاه حزب الله منذ فترة طويلة،حيث التزم خلالها الاثنان بالتهدئة والحوار بالواسطة السياسية .
بين سطور تصعيد الحريري، تعتبر مصادر سياسية محايدة، ان موقفه طبيعي في المرحلة الراهنة بعد الاصطدام بعدم القدرة على التأليف، فهو أيضا فجّرغضبه وهجومه في اتجاه الجميع، حتى انه لم يوفر المختارة ومعراب أيضا ، ومن الطبيعي أيضا، كما تقول المصادر، ان يلجأ الى التصعيد في وجه الجميع بمن فيهم حزب الله لرفع أسهمه ورصيده الشعبي بعد الخروج من السلطة لاستنهاض قواعده قبل الانتخابات بعد فترة.
استياء «المستقبل» كما تقول مصادره، سببه ما تبين من خلال المفاوضات الأخيرة، ان حزب الله لم يبذل أي ضغط جدي على الرئاسة الأولى كما فعل في الانتخابات الرئاسية مما ألزم البلاد على الدخول في الفراغ الطويل،ولم تحصل إتصالات بين بيت الوسط والثنائي الشيعي ، وتؤكد المصادر ان لا مشكلة مع بري لأن الحريري التزم كل طلباته وتمنياته.
وفق مصادر سياسية قريبة من الثنائي،ان موضوع علاقة الحريري وحزب الله تم النقاش فيها في اجتماع الموفد الفرنسي باتريك دوريل والنائب محمد رعد بكل تشعباتها ، والثنائي أبلغ من يعنيهم الأمر انه بذل كل جهوده من اجل تقريب وجهات النظر بين بيت الوسط وبعبدا من من دون ان يوفق على غرار المبادرة الفرنسية التي اصطدمت بالحائط ايضا.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، لا يمكن ان تذهب الأمور الى مواجهة بين حزب الله والحريري او الى طرح حكومة اللون الواحد، فالحزب لا يمكن ان يسير بطرح بديل لا يرضى عنه الحريري ولا يتمتع بتأييد طائفته من جهة، كما لا يرغب بتوتير الساحة بصراعات يتم رسمها بأجندات خارجية، وهذه الصراعات لبنان بغنى عنها اليوم في المرحلة الاقتصادية والمالية الحرجة الراهنة.
من المستبعد ان يقدم حزب الله على خطوة استفزازية بالذهاب الى تسمية بديل وتكرار تجربة حسان دياب، لأن الظروف مختلفة ولا تحتمل المغامرات والتحدي، وحتى لا يتهم الثنائي بأخذ البلاد نحو الفوضى والمجهول.