لن يدعو رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة قبل اتضاح الصورة، فتأتي ترجمة لعملية استمزاج الآراء التي يكون قد لجأ إليها واتفق بموجبها مع القوى المعنية بالتكليف فالتأليف، على تسمية شخصية معينة لرئاسة الحكومة، ولكن لا يبدو حتى اللحظة انّ هذا الاتفاق قد حصل، فيما تجري الاستشارات على وقع ضغط دولي من جهة، وضغط مالي من جهة أخرى مع استمرار التدهور على هذا المستوى. وقد تكون رحلة البحث عن رئيس مكلّف طويلة، بفعل خمسة عوامل أساسية لا بدّ من ان تأخذها اي شخصية طامحة لهذا الموقع في الاعتبار:
ـ العامل الأول من طبيعة مالية مع الانهيار الواسع وصعوبة الخروج منه، حيث لن يكون من السهل على اي كان نقل كرة النار إلى حضنه.
ـ العامل الثاني من طبيعة سنّية مع الموقف السنّي المتحفّظ عن التعامل مع رئيس الجمهورية، من نادي رؤساء الحكومات السابقين، إلى المرجعيات والقوى على اختلافها، وبالتالي لن يكون من السهل على شخصية طامحة للتكليف ان تدخل الى السرايا الحكومية من دون الغطاء السنّي.
ـ العامل الثالث من طبيعة سلطوية، مع عدم ثقة الرئيس المكلّف في انّ الفريق الحاكم سيتعاون تحقيقاً للإصلاحات، ويستند في ذلك إلى التجارب الممتدة منذ تكليف الرئيس حسان دياب إلى اليوم.
ـ العامل الرابع من طبيعة شعبية، مع ضيق صدر الناس بسبب تردّي الأوضاع وعدم منحهم فرصة سماح للحكومة.
ـ العامل الخامس من طبيعة دولية، حيث أثبتت التجربة منذ تفجير مرفأ بيروت أقلّه، والاستنفار الدولي حيال لبنان، انّ قدرة عواصم القرار الدولية على فرض الحلول محدودة.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية»، انّه لا يمكن لأي شخصية طامحة للتكليف إلّا ان تأخذ في الاعتبار العوامل أعلاه، حيث انّ أحداً لن يجازف بإحراق ورقته وصورته، لأنّ التكليف فالتأليف في ظلّ غياب الضمانات المطلوبة من السلطة من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، ستكون مهمة أقل ما يُقال فيها إنّها انتحارية.