على وقع توثيق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ما نسبته "77% من الأسر في لبنان لم يعد لديها ما يكفي من المال لشراء الطعام"، ناشد البطريرك الماروني أمس أهل السلطة "باسم الشعب الفقير والمقهور والجائع والمشتت كخراف لا راعي لها، وباسم لبنان الواقع في حال الانهيار" الإسراع في بلورة الحلول الحكومية باعتبار الوقت الراهن هو "وقت تحمّل المسؤوليات لا وقت الانكفاء".
على أنّ عظة الراعي "الحكومية" التي استفزت على ما يبدو "تيار المستقبل" في شقها المتعلق بتحديد المواصفات المطلوبة لرئاسة الحكومة، كونه أساء فهمها، رسمت معالم وطنية مختلفة عما يجري الإعداد له في مطبخ مشاورات "الممانعة"، سيّما وأن البطريرك الماروني طالب صراحةً بأن يفضي التشاور بين القوى السياسية إلى تسمية "شخصية سنية لرئاسة مجلس الوزراء، تكون على مستوى التحديات الراهنة (...) وتواجه انقلاباً جارفاً على النظام والدستور والمؤسسات الشرعية، وتفككاً للقوى الوطنية".
وإذ دعا إلى ضرورة "خلق واقع سياسي جديد يعيد التوازن ويلتقي مع مساعي الدول الصديقة"، حذر الراعي من أنّ "البلاد لا تواجه أزمة حكومية عادية بل أزمة وطنية شاملة تستدعي تضافر الجهود من الجميع"، مشدداً في هذا المجال على وجوب "تجاوز الأنانيات والمصالح والحسابات الانتخابية الضيقة التي تسيطر بكل أسف على عقول غالبية القوى السياسية، على حساب المصلحة الوطنية العليا".
وانطلاقاً من أنّ كل الأمور المتصلة بتسيير شؤون الدولة مرهونة بإيجاد "سلطة إجرائية"، أعاد الراعي التنويه بكون "ما جرى ويجري من إهمال وانتفاء للحوار والتعاون، يعزز فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان لإخراج لبنان واللبنانيين من ضيقتهم المتعددة الأوجه"، منتقداً "الجماعة السياسية التي تعطي كل يوم الدليل بعد الدليل على عجزها عن القيام بأبسط واجباتها تجاه الشعب والوطن، وعلى فشلها في الحفاظ على مؤسسات الدولة واستقلالية الشرعية الوطنية"، مع تسليطه الضوء بشكل أخص على عجز السلطة حتى عن حل أبسط المسائل اليومية "كالنفايات والكهرباء والغذاء والدواء والمحروقات"، إضافة إلى عجزها عن "مكافحة الفساد، وتسهيل عمل القضاء، وضبط ممارسة الوزارات والإدارات، وإغلاق معابر التهريب والهدر"، فضلاً عن كونها "عاجزة عن تحصين نفسها بتأليف حكومة، وعاجزة عن معالجة القضايا المصيرية كإجراء إصلاحات وترسيم حدود وحسم خيارات الدولة، واعتماد الحياد".