وقائع جلسة "التوبيخ" في السراي: عودة لزمن القناصل
وقائع جلسة "التوبيخ" في السراي: عودة لزمن القناصل

أخبار البلد - Thursday, July 8, 2021 8:07:00 AM

إبراهيم ناصر الدين - الديار 

حاول رئيس الجمهورية ميشال عون الاستفسار من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن خلفية دعوته عدد من السفراء المعتمدين في لبنان، لاسماعهم محاضرة عن العجز، والاحباط، وقلة الحيلة، والمسؤولية، «وتبرئة النفس» من معالجة اسوأ ازمة اخلاقية، واقتصادية، وسياسية تمر بها البلاد، لكنه لم يسمع شيئا مفيدا لا عن اسباب الدعوة ولا عن نتائج اللقاء، وفهم من سياق ردود دياب انه اختار جمعهم ليقول لهم «اللهم اشهد اني قد بلغت»...

طبعا رئيس الجمهورية غير مرتاح لخطوة رئيس الحكومة، ووفقا لمصادر سياسية مطلعة كانت تلك «القفزة» في «الهواء» مجرد «ارتجال»، وخطوة غير محسوبة النتائج، جرى التحضير لها على عجل، فجاءت النتائج مخيّبة للآمال، بعد ان سمع رئيس الحكومة «تقريعا» تجاوز حدود اللياقات الديبلوماسية من بعض السفراء، وليس فقط سفيرة فرنسا، وكان اجماع على انتقاد تعطيله لاعمال حكومته المستقيلة من واجباتها، في ظل غياب اي حس من المسؤولية عن السياسيين اللبنانيين.

اما تهديده بالتوجه شرقا في حال عدم انقاذ لبنان، فتبين ايضا انه لم يكن تهديدا، وانما تحذير للدول المعنية بالملف اللبناني، وتنبيها لها، خوفا على مصالحها، لان «الطبيعة» لا تحب «الفراغ»، كما جرى التوضيح لاحقا من قبل مسؤول لبناني رفيع ردا على استفسارات السفارة الاميركية في بيروت التي حضرت سفيرتها الى السراي الحكومي «وطيف» كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحيط بها!  

طبعا خيبة الامل لم تقف عند هذا الحد، ووفقا للمعلومات، غاب سفيرا المملكة العربية السعودية، والامارات عن اللقاء دون ان يكلفا نفسيهما عناء الاعتذار، وفي ذلك «رسالة» مهينة تتجاوز «الحرد السياسي» تجاه حكومة تصريف الاعمال ورئيسها، فبعد حصول مراسلات متعددة مع وزارة الخارجية في كلا البلدين، جاءت التعليمات بعدم الاكتراث بدعوة الى لقاء دون جدوى، لم يكن جدول اعماله واضحا، فاختارت المملكة وابوظبي اختصار الوقت والجهد، وطلب من السفيرين في بيروت تجاهل اللقاء، وكان الدعوة لم تكن!.

ولم يكن غياب السفيرين السعودي والاماراتي وحده المفاجأة، فالسفارة الفرنسية في بيروت تحرّكت بالامس مطالبة بتوضيحات رسمية حول بث كلمة السفيرة الفرنسية آن غريو على «الهواء» مباشرة مع العلم ان ان السفراء سبق وتبلغوا ان كلمة دياب ستكون وحدها مباشرة، وبعدها سيفتح «باب» النقاش مع السفراء بعيدا عن وسائل الاعلام. وهذا ما يفسر اندفاع السفيرة الفرنسية الى الحديث دون «قفازات»، بعد ان ظنت ان الجلسة مغلقة، وكانت كلمتها بعيدة عن «الدبلوماسية»... ولم تحصل السفارة الفرنسية على اجابات «مقنعة» حيال ما حصل، بعدما تم ابلاغها بحصول «سوء تقدير» وتنسيق»، علما ان معظم السفراء الحاضرين تعاقبوا على الكلام وبقيت مداخلاتهم» القاسية» بعيدا عن الاعلام.

وفي هذا السياق، لم تخفض السفيرة الفرنسية من «سقف» انتقاداتها في الجزء الذي لم ينقل مباشرة على «الهواء»، فهي طالبت دياب صراحة بتفعيل عمل الحكومة المستقيلة، لان المخاطر كثيرة اهمها على المرفأ المهدد التوقف عن العمل خلال ثلاثة اشهر، ما سيؤدي الى نتائج سلبية على اللبنانيين، وقالت «ان بلادها لا تزال تعمل على رفع الانقاذ بمساعدة دول صديقة، لكن  على الحكومة اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الملف لان الامور سوف تتفاقم». كما دعت غريو دياب الى التفاوض مع  صندوق النقد حتى لو كانت الحكومة مستقيلة. اما الكلام الاكثر حدة فكان حيال ازمة الوقود في البلاد، وكان لافتا كلام السفيرة الفرنسية «الغاضب» حيال طوابير السيارات على محطات الوقود، وتوجهت لرئيس الحكومة بالقول»المخزون موجود في الخزانات، والمطلوب منكم قرارات تنظيمية حاسمة لانهاء هذه الازمة». كما اشارت الى ان بلادها راغبة بالمساعدة لكن في باريس يريدون ان يعرفوا من هو الشخص الذي يتحمل مسؤولية للتواصل معه؟!

اما السفيرة الاميركية في بيروت، فلم تكن مداخلتها اقل قسوة من نظيرتها الفرنسية، ووفقا لمصادر ديبلوماسية عربية حضرت اللقاء، فان «العصبية» الزائدة كانت واضحة على دوروثي شيا في السراي الحكومي، وهي اوحت الى محدثيها بان هذا الاجتماع في توقيته كأنه استكمال للهجوم السياسي لامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يوم الاثنين على الولايات المتحدة الاميركية، وتحميلها مسؤولية الازمة الاقتصادية في لبنان، ولهذا كانت واضحة في النقاش مع دياب بنفي التهمة عن بلادها، وغمزت من «قناة» السيد نصرالله بالقول «سمعنا في الساعات القليلة الماضية اتهامات غير صحيحة. وفي رد فعل «قاس» على كلام رئيس الحكومة توجهت اليه قائلة، «انا لم اتقبل تعليقاتك بشكل جيد خصوصا انك توجه اللوم الينا، هذا تهرب من المسؤولية، واشنطن تريد حكومة مكتملة الاوصاف تقوم باصلاحات، وليس حكومة تصريف اعمال. وبعد ان عددت ما قدمته بلادها خصوصا للجيش والقوى الامنية، وعدت بتقديم المزيد للشعب اللبناني، وختمت بالقول» قمنا بكل شيء لكن على اللبنانيين ان يقوموا بدورهم! واللافت هنا تدخل دياب نافيا ان يكون قد قصد لوم الولايات المتحدة!

بدوره اكد السفير البريطاني ان الدعم الدولي لا يمكن ان يكون بديلا للاصلاح، «فالفساد مستشر منذ عقود، واذا لم تتخذوا قرارا داخليا بالانقاذ لا يمكن للمجتمع الدولي مساعدتكم، فالازمة ليست بسب فشل الدعم الدولي» وانما نتيجة الفساد» ..وختم السفير البريطاني كلمته بالقول «لم اشعر خلال الاشهر الماضية ان احد من المسؤولين يشعر بحس المسؤولية، ولهذا بتنا غير قادرين على  التاثير في دولنا لجذب الانتباه لمساعدة لبنان.

ولم تخرج مداخلات ممثل الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي في لبنان، او سفير اليابان، او كندا وايطاليا عن السياق نفسه، لكن السفير الكويتي في لبنان اختصر المشهد «المخزي» بعد محاولة دياب القاء اللوم على الدول الصديقة والمجتمع الدولي وتوجه اليه قائلا» صديقك من صدَقَك لا من صدَقك». وهكذا اسدل الستار على «مسرحية» جديدة - قديمة عنوانها تقاذف المسؤوليات في بلد بات شعبه بلا «كرامة» يعيش على «التسول»، فيما يتلهى المسؤولون بمحاولة «تبرئة» انفسهم من المسؤولية عن الانهيار، وعادت البلاد الى زمن حكم «القناصل», ولهذا لم يعد مستغربا هذا «التوبيخ» العلني من قبل السفراء للقيادات اللبنانية التي فقدت «ماء وجهها» لكنها تصر على الانكار...!  

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني