مايز عبيد
"المهرّبون طرقاتهم مفتوحة والشعب طريقه مقطوعة"، بهذه العبارة اختصر أحد الناشطين على "الفايسبوك" المشهد العكاري والشمالي. فقد استمر مسلسل قطع الطرقات التي تربط عكار والمنية بطرابلس، كذلك الإعتراض الشعبي عليه وإدانته.
فصباح الخميس أعاد محتجّون قطع طرقات المنية وديرعمار والبداوي وطريق مفرق برقايل - حلبا. وعلى الطريق باتجاه حلبا، اعترض شبان سيارة نقل محمّلة بحليب الأطفال وتم توزيع حمولتها على المارّة. أما مسألة إعتراض صهاريج المازوت فكانت موضع شجب وإدانة من البلديات والفاعليات والأهالي وعلى وسائل التواصل الإجتماعي. فبحجة ما يحصل من توقيف للصهاريج راحت تتمنع الشركات عن إرسال مازوت إلى عكار والأمر مرشّح لإحداث مشاكل وقلاقل بين القرى والبلدات نفسها، خصوصا وأن قطع بعض الطرقات يحصل بشكل أساسي للتربص بهذه الشاحنات المحملة بالمازوت ومصادرتها لحساب أشخاص أو مجموعات تحت حجّة عدم وجود مازوت في هذه القرية أو تلك المنطقة، بينما المستفيد مما يحصل هو من يقوم بمصادرة هذه الصهاريج ليس إلا. فاعليات عكارية انتقدت هذا الأسلوب، بينما ناشد النائب وليد البعريني وزير الداخلية وقائد الجيش ومحافظ عكار، الدعوة الى اجتماع فوري ووضع خطة مستعجلة تتولى فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية الإشراف على تأمين وصول المحروقات إلى عكار، بدلاً من تركها محافظة معزولة".
القاضي الشيخ خلدون عريمط قال:"من المؤسف أن أهالي عكار والشمال يعيشون حالة تخلّ من الدولة عن تقديم أبسط مقومات العيش للمواطن العكاري؛ إضافة إلى الحرمان وفقدان لكل مقومات الحياة ؛ فلا كهرباء ولا محروقات؛ ومن اجلها طوابير الذل والهوان في كل مكان. قطع الطرقات شبه يومي من الناس المحبطين؛ وحدها مافيات التهريب والفساد المعروفة بالأسماء والمتجهة بالمحروقات وغيرها إلى سوريا؛ والمغطاة بعلم أو من دون علم؛ من هذا الفريق السياسي أو ذاك وعلى مرأى من الجميع؛ تعبث بالأمن الإجتماعي والاقتصادي للمواطن والدولة تلعب دور المتفرج. وكأن عكار واهلها خارج التاريخ والجغرافيا لهذا العهد المشؤوم، عهد ميشال عون وجبران باسيل وفريقه الذي أعاد لبنان وخاصة عكار وطرابلس والشمال إلى عصر ما قبل اكتشاف الكهرباء. عهد البؤس والشقاء والارتباط بالنفوذ الايراني ومحور الممانعة والفشل والانهيار لكل مقومات الحياة".
من جهته، أصدر المفتي زيد زكريا بياناً اعتبر فيه أن "قطع الطرقات وتوقيف آليات المازوت، من الظواهر التي لم تكن ولن تكون مجدية وإثمهما أكبر من نفعهما. لذلك اتقوا الله في الناس وفي الضعفاء وفي المحتاجين، وإذا أردتم التضييق فضيّقوا واقطعوا طرقات من جوّعكم من المسؤولين الكبار وحاصروا قصورهم ومؤسساتهم.. وإذا أردتم منع التهريب فامنعوا التهريب على الحدود، وهنا لا بد من مناشدة قيادة الجيش بضبط الحدود والضرب بيد من حديد وإيقاف هذه التهريبات التي أرهقت الخزينة والبلاد والعباد ولم يستفد منها إلا كبار التجار والمسؤولين".
واستنكر رئيس بلدية بزبينا - عكار المحامي طارق خبازي ما تتعرض له آليات نقل المحروقات عند توجهها إلى عكار. واعتبر "أن قطع الطرقات يعود على المواطن بالظلم والحرمان. وعلى القوى الأمنية حماية آليات المازوت لأن منطقة الجومة بدأت تغرق في العتمة الشاملة".
في المقابل، عمد الناشط الإجتماعي في عكار سعد الخالد إلى ركن سيارته على جانب الطريق في العبدة، ليس بهدف قطع الطريق، ولكنها فرغت من المحروقات، وهي لفتة إلى المعنيين بأن الأوضاع لم تعد تطاق. ثم انضم إليه مواطن آخر. وقال الخالد لـ"نداء الوطن": "إنها رسالة موجّهة إلى كل مواطن يعتزّ بوطنيته ويصرّ على التغيير بشتى الوسائل القانونية التي منحت للشعب. فالفكرة ليست انقطاعاً موقتاً للمحروقات بل خطورة استمرار هذا الإنقطاع بسبب الإهمال والتهريب واستغلال تجار الدم لمصالح وظروف الشعب التي تهدد كل مقومات الحياة".
أضاف "إنها خطوة فردية ورسالتي بكل محبة لمن يوافق ولمن يعارض حتى لمن لم يثوروا ومن ثاروا ولكن فقدوا الثقة بممارسات مشينة، أن يساهموا برسم خط عبور أبنائنا إلى بر الأمان ولا اعني بذلك تطبيق هذه الفكرة بالذات بل أي عمل جماعي يأخذنا من عالم الهلاك المحتوم إلى عالم الأمان الذي نرسمه ونخطّه معاً. لبنان وطننا جميعا ولذلك دعونا نتوحّد ونجتهد ونصوّب سهامنا الصادقة باتجاه أعداء الإنسانية في هذا البلد".
المستغرب أن القوى الامنية لا تزال تقف موقف المتفرّج أمام كل هذه المناشدات بالتدخّل ولعب دورها، بينما تتحكّم مجموعات من الأشخاص والشبان هنا وهناك بالطرقات، يفتحونها على هذا ويقفلونها على ذاك، والجيش والقوى الأمنية على مسافة أمتار منهم يحوّلون السير من اتجاه إلى آخر، أما بنزين الغالونات فيغزو الطرقات والأرصفة ولا من يسأل. إنها العصفورية أو الجنون كما وصفها أحدهم، فإلى متى سيبقى الشعب المقهور الذي لم يفقد عقله بعد يعيش في قلب العصفورية؟