الإعلامي د. كريستيان أوسّي
كل الأقنية تصبّ اليوم في عين التينة، حيث يجلس رئيس مجلس النواب، سعيداً، وهو يشاهد الجميع يقصدونه، علّه، في حنكته السياسية، يجد المخرج اللائق لكل الذين يعنيهم تشكيل الحكومة.
ما يزيد في راحة الرئيس بري، أنّ مبادرته الاربع وعشرينية لتشكيلة خالية من أي ثلث معطّل هي ما يتصدر واجهة البحث، راهناً، بعدما حظيت بدعم داخلي وخارجي...
رئيس المجلس إياه، هو من رسم صورة جلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي، بالشكل الذي ظهرت فيه، فوجّه رسائله في اتجاهات شتى، وأقرن بالفعل، ما سبق وقاله عبر الهاتف للرئيس عون الذي هاتفه مهنئاً بعيد الفطر.
في المعلومات أنّ رئيس المجلس صارح رئيس الجمهورية بالبعد الكبير الذي تتضمنه الرسالة، خصوصاً على صعيد العلاقة بين طائفتين كبيرتين هما السّنّة والموارنة، محذّراً مما يمكن ان تذهب إليه الكلمات في صب زيتٍ على نار الخلاف المستحكم بين بعبدا وبيت الوسط، وهو كرّر مراراً التأكيد بأنّ الحلّ لن يكون إلاّ بالقبول بصيغة الـــ 24 في غياب الثلث الضامن لمطلق فريق، وبتفاهم مطلق بين الرئيسين.
ونقل عنه قوله: الثلث الضامن ممكن توافره من خلال التحالفات في داخل الحكومة أو في خارجها، أما حصر هذا الثلث بيد فريق معين، فهو ما لن يستقيم ولن يقبل به أحد.
بديبلوماسية شرح وجهة نظره، الا انها لم تحل دون توجيه الرسالة الى مجلس النواب، فكثّف اتصالاته لتطويق الآثار، وقرّب المسافات بين الرئيس المكلّف ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على الرغم من الكلام اللاذع الذي صدر عن جنبلاط في مقابلة تلفزيونية، وتمكّن من حصر مفاعيل الكلمات بشكل واضح.
وحده الرئيس سعد الحريري رفع السقف، رفعه عالياً... وهناك من يفسّر هذا القبول من بري بالنبرة الحريرية، بأنه سعى الى تسجيل هدفين:
الأول: هو حشر بعبدا التي قد يكون فاجأها التصعيد غير المبرر للحريري في كلمته بعد الخطاب الهادىء لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل،
الثاني: هو حشر الحريري نفسه عبر إظهاره رافضاً كلّ ليونة وكلّ مبادرة، واكتفاؤه في كلمته برمي الكرة عند رئيس الجمهورية...
وفي الحالين، تتحقق الغاية، فيخففّ الاول من شروطه، ويتراجع الثاني، ليتمكن من النزول عن الشجرة التي رفع سقوفها...
هكذا يمكن لمبادره بري أنْ تعود الى البحث الجدّي والقبول من أطراف ربما قد ترى فيها سبيلاً او حلاً للمعضلات التي باتت تطوّقها...
في مقدّم هؤلاء المعنيان بتشكيل الحكومة مباشرة...
وقد تكون كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، هي الاكثر وضوحاً حين تحدث عن الوفاق الالزامي بين الطرفين... او اضطرارهما للجوء الى مساعدة صديق...
هكذا، يثبت نبيه بري، مرة بعد، انه أفضل مَن احترف لعبة السياسة!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا