جورج شعيا
يرزح القطاع الزراعي في لبنان تحت وطأة الأزمات والخضات المتلاحقة التي يتعرض لها. ولعل أبرزها بالاضافة الى الانهيار المالي، مشكلة تصريف الانتاج التي ظهرت مع بداية الازمة السورية وتوقف الترانزيت وصولا إلى الازمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية على أثر شحنة الرمان التي كانت تحتوي على حبوب الكبتاغون.
وتتزامن الازمة اللبنانية-السعودية، مع اسوأ مرحلة اقتصادية وسياسية ومالية يمرّ بها لبنان، وفي أحوج مرحلة لتقوية الاقتصاد وتصريف الانتاج.
وفي مقابل الازمات، تكمن حلول يمكن تطبيقها بكلفة ضئيلة وبطرق مبتكرة، يُسمح من خلالها بربط القطاعات الانتاجية ببعضها البعض وخلق رونق فريد للاقتصاد الوطني ومنها السياحة الزراعية.
تعتبر السياحة الزراعية، أي عملية أو نشاط ترفيهي أو تعليمي يجذب الزائرين والسياح الى مزرعة أو اي مشروع زراعي قائم.
وتشتمل السياحة الزراعية على مجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك شراء المنتجات، قطف الثمار، إطعام الحيوانات، أو التنزه والجلوس وتناول الطعام في المشروع الزراعي.
وتنشط السياحة الزراعية في العديد من بلدان العالم كاستراليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والفلبين وايطاليا وغيرها.
من المعهود في لبنان، ان القطاع السياحي هو احد اهم القطاعات الانتاجية التي يستند عليها الاقتصاد الوطني، نظراً لعوامل كثيرة، مناخية وطبيعية وتراثية وغيرها، جعلت من لبنان بلداً سياحياً تقصده مختلف شعوب العالم.
في حين ان القطاع الأولي، يعتبر ضعيف نسبياً واهمل لسنوات طويلة ولم تلتفت الدولة لدعمه او مساندته، حتى اصبح عبئاً على المستثمرين فيه مما جعلهم يلجأون الى قطاعات اكثر ربحاً واقل تعباً.
ومع بروز ازمة سعر صرف الدولار وجائحة كورونا والازمات السياسية الداخلية، لجأ اللبنانيون الى الارض من جديد، وعادوا ليهتموا بالزراعة وتربية المواشي والدواجن خوفاً من الجوع والفقر وانعدام الامن الغذائي.
في هذا السياق، يقول روي ناصيف، المهندس الزراعي والمتخصص في تصميم المساحات الخضراء، في حديث لـvdlnews: "تكمن اهمية السياحة الزراعية في عملية دمج السياحة والزراعة في آنٍ واحد، خصوصاً في ظل الموجة التي يشهدها لبنان من السياحة الداخلية، بعد تفشي جائحة كورونا في العالم وتراجع امكانية السفر لدى اللبنانيين الى الدول السياحية نسبة لارتفاع اسعار التذاكر وسعر صرف الدولار. كل ذلك، يجعل من السياحة الزراعية خياراً صائباً لادارة الموارد والمقومات الحيوية التي يتمتع بها لبنان، ومن شأنه ان ينعكس ايجاباً على الاقتصاد الوطني".
ويضيف ناصيف شارحاً: "كل منطقة في لبنان تتمايز عن غيرها بمنتج معيّن او زراعة معينة، على سبيل المثال، مدينة زحلة تشتهر بالعنب وصناعة النبيذ، فمشروع زراعي مماثل في زحلة سيجذب سياحاً من الداخل والخارج وسيوفر تصريفا انتاجيا اضافي ويدرّ على المزارع دخلاً اضافياً الى جانب التصدير والبيع للتجار الكبار في الداخل".
ويسلط ناصيف الضوء على قطبة مخفية تجرّد السياحة الزراعية من مضمونها، فيقول: "في لبنان، يوجد بعض المشاريع التي تتبنى فكرة السياحة الزراعية، الا انها بعيدة جداً عن مفهومها الصحيح. فعملية اشراك الزائر في عمليات القطاف واطعام المواشي وغيرها من الانشطة التي من شأنها ان تعزز شعور حب الارض والعودة اليها لدى الناس، هي النقطة الابرز التي يجب العمل عليها لانجاح المشاريع وتحفيز المواطنين لزيارتها".
وعن كيفية توسع السياحة الزراعية من الاطار الداخلي الى الخارجي، يردف قائلاً: "ان نجاح السياحة الزراعية في الداخل اللبناني، سيجعل منها محطة استقطاب للرحلات الجماعية التي تنظمها شركات ووكلاء السفر اللبنانية والاجنبية، وهذه الرحلات سيكون لها ارتدادات على مختلف القطاعات من فنادق ومطاعم وغيرها من المرافق السياحية في كل منطقة يزورها السياح، وسيتدفق من خلالها عملات صعبة تدخل مباشرة الى جيوب المزراعين، بالاضافة الى تضاعف فرص اجتذاب المستثمرين والمتمولين لدعم المشاريع المماثلة وخلق غيرها".
اذا، للسياحة الزراعية فوائد كثيرة يفتقدها لبنان لحل مشاكله الاقتصادية الجمّة، فهل تكون خشبة الخلاص للاقتصاد الوطني؟