يُرجح الخبراء ظهور تحورات جديدة من فيروس كورونا في إفريقيا، وهو ما قد يكون السبب المباشر في زيادة عدد حالات الإصابة والوفيات في القارة السمراء، حيث أكدت أكثر من 10 دول حتى الآن ظهور السلالة التي ظهرت في الهند لأول مرة العام الماضي.
وثمة مخاوف من عدم إمكانية تتبع السلالات الجديدة بسهولة، لأن نوعية الاختبارات المطلوبة للتعرف عليها ليست متوفرة في القارة الإفريقية على نطاق واسع.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذه السلالة "مصدر قلق عالمي" مع احتمال زيادة انتشارها.
وبحسب تقرير نشره موقع "بي بي سي" BBC، الثلاثاء، يُرجح الخبراء أن الموجة الجديدة من الإصابات في إفريقيا ترتبط بشكل ما بظهور سلالات أكثر انتشارا.
وكانت أوغندا أول بلد في القارة يعلن عن ظهور حالة إصابة بالسلالة الهندية.
والآن، ظهرت هذه السلالة في عدد من الدول الإفريقية منها كينيا والمغرب والجزائر وجنوب إفريقيا وبوتسوانا وأنغولا والكونغو وأوغندا وزامبيا وزيمبابواي.
وظهرت سلالة أخرى من الفيروس في جنوب إفريقيا العام الماضي، ما ساهم في زيادة أعداد الإصابات في جنوب القارة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وسُجلت حالات إصابة بهذه السلالة في أكثر من 20 دولة إفريقية.
ومن المرجح أن السلالة وصلت لدول أخرى، لكن قليل منها لديه القدرة على إجراء اختبارات التراتبية الجينية المتخصصة للتعرف على السلالات المختلفة.
وتعرف العلماء في نيجيريا على سلالة جديدة من الفيروس، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد أن هذه السلالة تسهم في زيادة تفشي العدوى، بحسب تقرير "بي بي سي" BBC.
كما رصدت 20 دولة ظهور السلالة التي ظهرت لأول مرة في المملكة المتحدة.
وكان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإفريقيا حذر، الخميس، من خطر حدوث موجة جديدة لانتشار فيروس كورونا في القارة بسبب التأخير المتزايد في حملات التطعيم بالمقارنة مع بقية العالم.
وحذر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ومقره برازافيل في بيان من أنه "بسبب تأجيل تسليم جرعات لقاحات كوفيد-19 التي يصنعها معهد سيروم في الهند لإفريقيا، وبطء نشر اللقاحات وظهور متحورات جديدة، ما زال خطر حدوث موجة جديدة من العدوى مرتفعاً في إفريقيا".
وأطلقت منظمة الصحة العالمية والمراكز الإفريقية للسيطرة على الأمراض شبكة من المختبرات العام الماضي لدعم قدرة القارة على التعرف على السلالات المختلفة.
وقالت إن ظهور سلالات جديدة ومعدية "زاد من أهمية الحاجة لدعم التتبع الجيني (للفيروس)".
وتشمل هذه الإجراءات تحليل شفرات الفيروس للتعرف على تكوينه الوراثي.
لكن مقال نشر مؤخرا في دورية "لانسيت" أشار إلى أنه على الرغم من جهود التوسع في هذا النوع من الدراسات، إلا أن هناك مشاكل بشأن التمويل، وكذلك في توفير العاملين ذوي المهارات المطلوبة.
وتقول المراكز الإفريقية للسيطرة على الأمراض إن عدد الحالات الجديدة في القارة انخفض بنسبة 9%.
وتزيد أعداد الحالات في دول مثل جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا، في حين تنخفض في الكونغو وإثيوبيا وكينيا.
وكانت نسبة الوفيات المرتبطة بكورونا منخفضة في أفريقيا في المراحل الأولى من الجائحة، مقارنة بمناطق أخرى في العالم.
وخرج البعض بنظريات عن سبب هذا الانخفاض، مثل أن غالبية سكان القارة من الشباب، أو احتمال الحصول على مناعة مسبقة من أنواع مختلفة من فيروسات كورونا، أو من تلقي الأفارقة نوع معين من اللقاحات في الصغر قد يكون سبب تكون مناعة ضد فيروس كورونا.
وتحذر المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض من ارتفاع معدلات الوفيات في القارة، وتقول إنه من بين 55 دولة تتابعها، ثمة 21 دولة تسجل وفيات أعلى من المتوسط العالمي الذي يبلغ 2.2%.
وارتفعت معدلات الوفاة في إفريقيا من 2.1% في يوليو العام الماضي، إلى 2.7% في أبريل هذا العام.
وتشير دراسة نشرتها دورية لانسيت إلى أن مرضى المستشفيات الذين يعانون من حالات كوفيد-19 الحرجة، أكثر عرضة لخطر الوفاة في أماكن أخرى من العالم بسبب الموارد الطبية المحدودة.
ودرس الباحثون حالات مرضى المستشفيات في عشر دول أفريقية، ووجدوا أن قرابة نصف من يحتاجون للعناية المركزة يموتون، في حين أن متوسط الوفاة في هذه الحالات عالميا يقل عن الثلث.
وانخفضت معدلات الوفاة عالميا منذ بداية الجائحة، ما يضع إفريقيا في معدلات أعلى من المتوسط العالمي.
كما تتأثر معدلات الوفاة بمعدلات الاختبارات، فالدول التي تنخفض فيها معدلات الاختبارات تزيد فيها أعداد الوفيات لأن الكثير من حالات كوفيد لا يتم رصدها.
وشدد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، في بيان تم تبنّيه بالإجماع على ضرورة زيادة المساعدات لإفريقيا لتعزيز تصديها لجائحة كوفيد-19، خصوصا على صعيد اللقاحات، معتبرا أن حملات التلقيح ضد فيروس كورونا في القارة غير كافية.
وفي قرابة 130 ألف شخص بكوفيد في إفريقيا مقارنة بأكثر من 1,1 مليون في أوروبا وأكثر من 3,4 مليون على مستوى العالم، وفق إحصاءات لوكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.
لكن التكلفة الاقتصادية كانت مدمرة، وبطء عمليات التلقيح تثير مخاوف من تفشي متحورات في القارة يمكن أن تصيب الأفارقة ثم تنتشر في العالم.